فصل: تفسير الآية رقم (98):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآيات (83- 88):

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)}
ذو القرنين: هو الإسكندر الذي ملك الدنيا. قيل: ملكها مؤمنان: ذو القرنين، وسليمان. وكافران: نمروذ، وبختنصر، وكان بعد نمرود. واختلف فيه فقيل: كان عبداً صالحاً ملكه الله الأرض، وأعطاه العلم والحكمة، وألبسه الهيبة وسخر له النور والظلمة، فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتحوطه الظلمة من ورائه. وقيل: نبياً. وقيل: ملكاً من الملائكة.
وعن عمر رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول: يا ذا القرنين، فقال: اللَّهم غفراً ما رضيتم أن تتسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة، وعن علي رضي الله عنه. سخر له السحاب، ومدّت له الأسباب، وبسط له النور وسئل عنه فقال: أحبه الله فأحبه. وسأله ابن الكوّا: ما ذو القرنين أملك أم نبيّ؟ فقال: ليس بملك ولا نبيّ، ولكن كان عبداً صالحاً، ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات، ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات، فبعثه الله فسمي ذو القرنين وفيكم مثله. قيل: كان يدعوهم إلى التوحيد فيقتلونه فيحييه الله تعالى.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا يعني جانبيها شرقها وغربها» وقيل: كان له قرنان، أي ضفيرتان. وقيل: انقرض في وقته قرنان من الناس.
وعن وهب: لأنه ملك الروم وفارس.
وروي: الروم والترك. وعنه كانت صفحتا رأسه من نحاس. وقيل: كان لتاجه قرنان. وقيل: كان على رأسه ما يشبه القرنين. ويجوز أن يلقب بذلك لشجاعته كما يسمى الشجاع كبشاً لأنه ينطح أقرانه، وكان من الروم ولد عجوز ليس لها ولد غيره. والسائلون: هم اليهود سألوه على جهة الامتحان. وقيل: سأله أبو جهل وأشياعه، والخطاب في {عَلَيْكُمْ} لأحد الفريقين {مِن كُلّ شَيْء} أي من أسباب كل شيء، أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه {سَبَباً} طريقاً موصلاً إليه، والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة، فأراد بلوغ المغرب {فَأَتْبَعَ سَبَباً} يوصله إليه حتى بلغ، وكذلك أراد المشرق، فأتبع سبباً، وأراد بلوغ السدّين فاتبع سبباً. وقرئ: {فأتبع} قرئ: {حمئة}، من حمئت البئر إذا صار فيها الحمأة. وحامية بمعنى حارّة.
وعن أبي ذرّ: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجمل، فرأى الشمس حين غابت فقال: (يا أبا ذرّ، أتدري أين تغرب هذه؟) فقلت: الله ورسوله أعلم. قال (فإنها تغرب في عين حامية)، وهي قراءة ابن مسعود وطلحة وابن عمر وابن عمرو والحسن.
وقرأ ابن عباس: حمئة. وكان ابن عباس عند معاوية؛ فقرأ معاوية: حامية فقال ابن عباس: حمئة. فقال معاوية لعبد الله بن عمرو: كيف تقرأ؟ قال: كما يقرأ أمير المؤمنين ثم وجه إلى كعب الأحبار.
كيف تجد الشمس تغرب؟ قال: في ماء وطين، كذلك نجده في التوراة.
وروي: في ثأط، فوافق قول ابن عباس، وكان ثمة رجل فأنشد قول تبع:
فَرَأَى مَغِيبَ الشّمْسِ عِنْدَ مَآبِهَا ** فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَاطٍ حَرْمَدِ

أي في عين ماء ذي طين وحمإ أسود، ولا تنافي بين الحمئة والحامية، فجائز أن تكون العين جامعه للوصفين جميعاً. كانوا كفرة فخيره الله بين أن يعذبهم بالقتل وأن يدعوهم إلى الإسلام، فاختار الدعوة والاجتهاد في استمالتهم فقال: أمّا من دعوته فأبى إلا البقاء على الظلم العظيم الذي هو الشرك: فذلك هو المعذب في الدارين {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ} ما يقتضيه الإيمان {فَلَهُ جَزآءً الحسنى} وقيل: خيّره بين القتل والأسر، وسماه إحساناً في مقابلة القتل {فَلَهُ جَزآءً الحسنى} فله أن يجازي المثوبة الحسنى. أو فله جزاء الفعلة الحسنى التي هي كلمة الشهادة. وقرئ: {فله جزاء الحسنى} أي: فله الفعلة الحسنى جزاء.
وعن قتادة: كان يطبخ من كفر في القدور، وهو العذاب النكر. ومن آمن أعطاه وكساه {مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} أي لا نأمره بالصعب الشاق، ولكن بالسهل المتيسر من الزكاة والخراج وغير ذلك، وتقديره: ذا يسر، كقوله: {قَوْلاً مَّيْسُورًا} [الإسراء: 28] وقرئ: {يُسُراً}، بضمتين.

.تفسير الآية رقم (89):

{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)}
وقرئ: {مطلع} فتح اللام وهو مصدر. والمعنى: بلغ مكان مطلع الشمس، كقوله:
كَأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِسَاتِ ذُيُولَهَا

يريد: كأن آثار مجرّ الرامسات {على قَوْمٍ} قيل: هم الزنج. والستر: الأبنية، وعن كعب: أرضهم لا تمسك الأبنية وبها أسراب، فإذا طلعت الشمس دخلوها. فإذا ارتفع النهار خرجوا إلى معايشهم، وعن بعضهم: خرجت حتى جاوزت الصين، فسألت عن هؤلاء فقيل: بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة، فبلغتهم فإذا أحدهم يفرش أذنه ويلبس الأخرى، ومعي صاحب يعرف لسانهم فقالوا له: جئتنا تنظر كيف تطلع الشمس؟ قال: فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصة فغشي عليّ، ثم أفقت وهم يمسحونني بالدهن، فلما طلعت الشمس على الماء إذا هي فوق الماء كهيئة الزيت، فأدخلوها سرباً لهم، فلما ارتفع النهار خرجوا إلى البحر فجعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج لهم. وقيل: الستر اللباس.
وعن مجاهد: من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض {كذلك} أي أمر ذي القرنين كذلك، أي كما وصفناه تعظيماً لأمره {وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ} من الجنود والآلات وأسباب الملك {خُبْراً} تكثيراً لذلك. وقيل: لم نجعل لهم من دونها ستراً مثل ذلك الستر الذي جعلنا لكم من الجبال والحصون والأبنية والأكنان من كل جنس، والثياب من كل صنف. وقيل: بلغ مطلع الشمس مثل ذلك، أي: كما بلغ مغربها. وقيل: تطلع على قوم مثل ذلك القبيل الذي تغرب عليهم، يعني أنهم كفرة مثلهم وحكمهم مثل حكمهم في تعذيبه لمن بقي منهم على الكفر، وإحسانه إلى من آمن منهم.

.تفسير الآيات (90- 93):

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)}
{بَيْنَ السَّدَّيْنِ} بين الجبلين وهما جبلان سدّ ذو القرنين مما بينهما. قرئ: (بالضم والفتح). وقيل: ما كان من خلق الله تعالى فهو مضموم، وما كان من عمل العباد فهو مفتوح؛ لأنّ السدّ بالضم فعل بمعنى مفعول، أي: هو مما فعله الله تعالى وخلقه. والسدّ- بالفتح-: مصدر حدث يحدثه الناس. وانتصب {بَيْنَ} على أنه مفعول به مبلوغ، كما انجر على الإضافة في قوله: {هذا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] وكما ارتفع في قوله: {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] لأنه من الظروف التي تستعمل أسماء وظروفاً، وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق {مِن دُونِهِمَا قَوْماً} هم الترك {لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} لا يكادون يفهمونه إلاّ بجهد ومشقّة من إشارة ونحوها كما يفهم إلبكم وقرئ: {يفقهون} أي لا يفهمون السامع كلامهم ولا يبينونه، لأنّ لغتهم غريبة مجهولة.

.تفسير الآية رقم (94):

{قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)}
{يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} اسمان أعجميان بدليل منع الصرف. وقرئ (مهموزين).
وقرأ رؤبة: {آجوج وماجوج}، وهما من ولد يافث. وقيل: يأجوج من الترك، ومأجوج من الجيل والديلم. {مُفْسِدُونَ فِي الأرض} قيل: كانوا يأكلون الناس، وقيل: كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون شيئاً أخضر إلاّ أكلوه، ولا يابساً إلاّ احتملوه، وكانوا يلقون منهم قتلاً وأذى شديداً.
وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم في صفتهم: «لا يموت أحد منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه، كلهم قد حمل السلاح» وقيل: هم على صنفين، طوال مفرطو الطول، وقصار مفرطو القصر. وقرئ: {خرجاً} و {خراجا}، أي جعلاً نخرجه من أموالنا: ونظيرهما: النول والنوال. وقرئ: {سدا} و {سدا}، بالفتح والضم.

.تفسير الآيات (95- 97):

{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)}
{مَا مَكَّنّى فِيهِ رَبّى خَيْرٌ} ما جعلني فيه مكيناً من كثرة المال واليسار، خير مما تبذلون لي من الخراج، فلا حاجة بي إليه، كما قال سليمان صلوات الله عليه: {فَمَا ءاتانى الله خَيْرٌ مّمَّا ءاتاكم} [النمل: 36]. قرئ: بالإدغام وبفكه. {فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ} بفعله وصناع يحسنون البناء والعمل، وبالآلات {رَدْمًا} حاجزاً حصيناً موثقاً. والردم أكبر من السدّ، من قولهم: ثوب مردم، رقاع فوق رقاع. وقيل: حفر الأساس حتى بلغ الماء، وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد، بينهما الحطب والفحم حتى سدّ ما بين الجبلين إلى أعلاهما، ثم وضع المنافيخ حتى إذا صارت كالنار، صبّ النحاس المذاب على الحديد المحمي فاختلط والتصق بعضه ببعض وصار جبلاً صلداً. وقيل: بعد ما بين السدّين مائة فرسخ. وقرئ: {سوّى}، و {سووى}.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنّ رجلاً أخبره به فقال: كيف رأيته؟ قال كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء. قال: {قد رأيته} والصدفان- بفتحتين-: جانبا الجبلين، لأنهما يتصادقان أي: يتقابلان، وقرئ: {الصدفين} بضمتين. و {الصدفين} بضمة وسكون. {الصدفين} بفتحة وضمة. والقطر، النحاس المذاب لأنه يقطر و{قِطراً} منصوب بأفرغ وتقديره آتوني قطراً أفرغ عليه قطراً فحذف الأول لدلالة الثاني عليه. وقرئ: {قال ائتوني}، أي جيئوني {فَمَا اسطاعوا} بحذف التاء للخفة؛ لأنّ التاء قريبة المخرج من الطاء. وقرئ: {فما اصطاعوا}، بقلب السين صادا. وأما من قرأ بإدغام التاء في الطاء، فملاق بين ساكنين على غير الحدّ {أَن يَظْهَرُوهُ} أي يعلوه، أي: لا حيلة لهم فيه من صعود. لارتفاعه وانملاسه، ولا نقب لصلابته وثخانته.

.تفسير الآية رقم (98):

{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)}
{هذا} إشارة إلى السدّ أي: هذا السد نعمة من الله و{رَحْمَةً} على عباده. أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته {فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبّى} يعني فإذا دنا مجيء يوم القيامة وشارف أن يأتي جعل السد {دَكّاً} أي مدكوكاً مبسوطاً مستوي بالأرض، وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك. ومنه: الجمل الأدك: المنبسط السنام. وقرئ: {دكاء} بالمد: أي أرضاً مستوية {وَكَانَ وَعْدُ رَبّى حَقّاً} آخر حكاية قول ذي القرنين.

.تفسير الآية رقم (99):

{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)}
{وَتَرَكْنَا} وجعلنا {بَعْضُهُمْ} بعض الخلق {يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} أي يضطربون ويختلطون إنسهم وجنهم حيارى. ويجوز أن يكون الضمير ليأجوج ومأجوج، وأنهم يموجون حين يخرجون من وراء السدّ مزدحمين في البلاد.
وروي: يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الشجر، ومن ظفروا به ممن لم يتحصن منهم من الناس، ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس، ثم يبعث الله نغفاً في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيموتون.

.تفسير الآيات (100- 101):

{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)}
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ} وبرّزناها لهم فرأوها وشاهدوها {عَن ذِكْرِى} عن آياتي التي ينظر إليها فأذكر بالتعظيم. أو عن القرآن وتأمل معانيه وتبصرها، ونحوه {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ} [البقرة: 18]. {وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} يعني وكانوا صماً عنه، إلاّ أنه أبلغ؛ لأنّ الأصمّ قد يستطيع السمع إذا صيح به، وهؤلاء كأنهم أصميت أسماعهم فلا استطاعة بهم للسمع.

.تفسير الآية رقم (102):

{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)}
{عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَاء} هم الملائكة، يعني: أنهم لا يكونون لهم أولياء، كما حكى عنهم {سبحانك أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ} [سبأ: 41].
وقرأ ابن مسعود: {أفظن الذين كفروا}، وقراءة علي رضي الله عنه أفحسب الذين كفروا، أي: أفاكافيهم ومحسبهم أن يتخذوهم أولياء على الابتداء والخبر. أو على الفعل والفاعل؛ لأنّ اسم الفاعل إذا اعتمد على الهمزة ساوى الفعل في العمل، كقولك: أقائم الزيدان. والمعنى أنّ ذلك لا يكفيهم ولا ينفعهم عند الله كما حسبوا. وهي قراءة محكمة جيدة النزل: ما يقام للنزيل وهو الضيف، ونحوه {فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21].